2011/03/26

خطبة الصناديق وغزوة الجمعة

لم أشعر فى لحظة ما بخطورة استخدام الدين فى تحقيق أغراض سياسية مثل هذه اللحظة التى دخلت فيها الجامع لأداء صلاة الجمعة التالية للتعديلات الدستورية حيث وجدتنى أشك وأفكر فى كل كلمة يقولها الخطيب وشعرت بحاجزا من عدم الثقة يقف حائلا بينى وبينه .

هذا التفكير والشك لم ينبع من الفراغ، أليس هذا الخطيب هو من تحدث إلىّ عن وجوب التصويت بنعم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية ؟ أليس هذا الخطيب هو من أستخدم منبره فى توجيه المصلين تحت عباءة الدين لتحقيق تطلعات سياسية معينة ؟ وبالتوازى مع ذلك كانت جماعة الاخوان المسلمين تعلق اللافتات التى تؤكد وجوب التصويت بنعم على التعديلات الدستورية فى تصريحات منسوبة للشيخ أحمد المحلاوى .

وفى تنوع ملحوظ فى الاساليب المستخدمة يقوم بعض الشيوخ بالاتصال بالمواطنين عشوائيا وبعد الترحيب والتعريف بالمتصل يباغت المواطن بالسؤال الاول "حضرتك مسلم إن شاء الله ؟" فإذا كان الرد بالإيجاب كان السؤال الثانى مباشرة "يبقى أكيد هتقول نعم للتعديلات الدستورية ؟" وكأنه واجب على كل مسلم ومسلمة الموافقة على التعديلات الدستورية هذا بجانب ما قامت به الجوامع فى بعض مناطق القاهرة والجيزة مثل منطقة فيصل بفتح الميكوفونات بعد صلاة الفجر يوم الاستفتاء ومناشدة الاهالى بالذهاب إلى لجان الاستفتاء للموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة .

هذه المعركة القتالية التى خاض غمارها الشيوخ مستخدمين الدين فيها هى ما جعلت شيخ مثل محمد حسين يعقوب يصف عملية الاستفتاء بأنها "غزوة الصناديق" التى أنتصر فيها الدين وقال فى خطبته فى مسجد الهدى بإمبابة "أنقسم الناس إلى فسطاطين فسطاط يضم أهل الدين والمشايخ بلا إستثناء وقصادهم فى الناحية التانية ناس تانية وشكلك وحش لو مكنتش فى الناحية اللى فيها المشايخ، فالشعب قال نعم للدين مش هى دى الديموقراطية بتاعتكم ؟ واللي يقول البلد ما نعرفش نعيش فيه أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا ، ما تخافوش خلاص البلد بلدنا" وبعد ذلك عاد فى قناة الناس الفضائية وقال "الكلام اللى قولته كان بضحك وهزار .. يا عم نكتة عديها" فكيف بعد ذلك نثق فى كلام شيخ يفكر بهذا المنطق وهذه العقلية ؟

كل ما سبق يكشف لنا كيف تحولت خطبة الجمعة إلى غزوة تم فيها غزو فكر الشعب المصرى بإستخام الوعظ الدينى لتوجيه الناس إلى الصناديق بما أراد الشيوخ ، ويؤكد لنا ضرورة إبعاد المساجد ومنابرها عن المعترك السياسى لأن فقدان الناس للثقة فى الشيوخ يمثل خطرا حقيقيا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق