2011/02/06

إذا الشعب يوما أراد ..... إسقاط النظام


لقد كان واليا فاسدا وحاكما مستبدا قاسيا لا يحب شعبه ولا يعرف الرحمة بالناس كان كل همه فى الحياه ان يجمع المال الوافر وكان يستعين فى حكمه لمصر بجنود لا همّ لهم سوى النهب والسلب و الاضرار بالناس .

غضب الشعب من قراراته وتصرفاته السيئة حتى بلغ الغضب نهايته وبدأت النفوس تثور وتغلى ولم يبقى إلا ان تقع منه وقعة واحدة ليعلن الشعب غضبه وثورته وعصيانه وعندئذ ينزله الشعب عن عرشه ويجرده من جبروته .

ووقعت الواقعة فعلا عندما اعتدى جنوده على الشعب إعتداءا مؤلما واندفعوا الى الحوارى ونهبوها وسرقوا المواطنين المارين فى الشوارع حتى البائع الجائل خطفوا بضاعته وأكلوا ثماره وفاكهته .

أخيرا شعر شعب مصر أنه ليس من الكرامة ولا الشرف ان يسكت عن هذا الفساد أو ان يقبل هذا العار فثارت جموعه وأنطلقت إلى الشوارع والميادين شبابا وشيوخا رجالا ونساءا صغارا وكبارا يهتفون بسقوطه أنه الحاكم الفاسد خورشيد الذى جعل مصر تخرج فى يوم من الايام عن بكرة أبيها لتهتف بسقوطه .

ولقد لجأت جموع الشعب الثائرة إلى المشايخ والعلماء وكان لهم فى هذا الوقت مكانة عظيمة عند الناس لذلك ألتف الشعب حولهم وذهب الناس تحت قيادتهم إلى دار المحكمة العليا وقدموا مطالبهم التى تتلخص فى خروج الجنود الأجانب من البلاد وعودة المواصلات بين الوجهين البحرى والقبلى وعدم فرض ضرائب جديدة بدون موافقة العلماء وزعماء الشعب .. وأرسلوا هذه المطالب الى خورشيد حيث كان متحصنا فى قلعته وبدلا من أن يعطى الشعب حقوقه ويخضع لرغبلته ضحك وسخر من هذه المطالب وأنكر حق الشعب فيها .

وإزاء هذا التصرف إزداد غضب وثورة الشعب والمشايخ والعلماء وقرروا خلعه وأعلنوا ذلك للجموع الغفيرة التى كانت تتزاحم كل يوم حولهم فما كان من الشعب الثائر إلا ان قرر محاصرة خورشيد فى قلعته ورفضت جميع طوائف الشعب أن تترك مكانها حتى يخضع خورشيد لمطالبها ؤيرحل عن هذه الديار .

وبعد أن حاصر الشعب القلعة لم يجد خورشيد مفرا من أن يرسل رسولا للسيد عمر مكرم الذى كان يتزعم الوفد الذى كان يحمل مطالب الشعب يسأله كيف لا تطيعون أولى الأمر منكم وانتم رجال دين ؟ فرد عليه عمر مكرم قائلا : نحن لا نطيع إلا الوالى العادل وانت أبعد ما يكون عن العدل والرحمة فكيف نطيع والى مستبد لا يعرف غير السلب والنهب والتعذيب ؟

وأمام إصرار الشعب ومحاصرة خورشيد لم يجد سلطان تركيا مفر من خلع الوالى الظالم خورشيد تهدئه لهذا الشعب الثائر الغاضب قائلا له : لقد أدركنا غضب الشعب المصرى وتمرده عليك وأنه من الخطأ تأيدكم فى سياستكم التى أثارت الشعب ورأينا انه لابد من عزلكم تحقيقا لرغبة الشعب وإستجابة لمطالبه .

كل هذه الأحداث حدثت فى مايو 1805 وها هى تتكرر الأن بعد مرور أكثر من مائتى عام بحذافيرها وبكل تفاصيلها مع إختلاف الاسماء فقط فإذا حذفنا من هذا الموضوع إسم خورشيد ووضعنا إسم مبارك وحذفنا أيضا المشايخ والعلماء ووضعنا بعض الشخصيات التى تمثل القوى الساسية المختلفة وكذلك حذف عمر مكرم الذى أختير رئيس الوفد الذى يعرض المطالب ووضعنا البرادعى الذى أختير من قبل القوى السياسيةعلى رأس اللجنة التى ستعرض مطالب المتظاهرين وأيضا لو بدلنا دار المحكمة العليا بميدان التحرير نجد أن المشهد قد إكتمل ووضحت الصورة وأن مبارك راحل .. راحل لا محالة .

لم يعمل مبارك لهذه اللحظة لم يستوعب الحكمة التى تقول بأن التاريخ يعيد نفسه أستكان ولم يأخذ حذره إعتمادا على رضوخ الشعب ونومه العميق لم يفكر فى اللحظة التى سيستيقظ فيها الشعب وكيف يكون وضعه حينها وكيف سيحكم شعبا لم يعد يفكر فى شيئ غير الخلاص منه ومن نظامه الذى دمر البلاد ونهب خيراتها وثرواتها وطبّع مع أعدائها وجوّع شعبها وجفف نيلها وصدّر غازها ولوث هوائها وجرّد أرضها وسرطن خضراواتها وجعل الفيروسات تسرى فى دم أبنائها .

أبى الشباب المصرى أن يضيع فرصته فى الدخول للتاريخ فأنتفض فجأة وقرر أن يبنى مستقبله بيده وأن يرفض كل محاولات التحكم فيه والسيطرة عليه التى أمتدت لأكثر من ثلاثين عاما وأثـبـتوا أنهم أحـفاد أحمـد عـرابى ومصـطـفى كامل وسعد زغلـول وجـمال عـبـد الناصر .